الشاعر
أبو الفتح محمد بن عبید اللَّه «5» البغدادی، یُعرف بابن التعاویذی و بسبط ابن التعاویذی، و کلاهما نسبة إلى جدّه لأمّه أبی محمد المبارک بن المبارک الجوهری، المعروف بابن التعاویذی، المولود بالکرخ سنة (496)، و المتوفّى فی جمادى الأولى سنة (553)، و دفن بمقبرة الشونیزیّة.
الغدیر فى الکتاب و السنه و الادب، ج5، ص: 609
کان المترجم فی الصدر من شعراء الشیعة، و فی الطلیعة من کتّابها الأفذاد، یزدهی العراق بشعره المبهج و أدبه المبتلج، کما أنّ الکتب ضاءت بألقٍ من کلمه، و ضاعت بعبقٍ من نشر فمه، و قد أصفقت المعاجم على الثناء علیه، و ذکر فضله الظاهر و مآثره الجمّة، ففی معجم الأدباء «1» (7/31): کان شاعر العراق فی وقته، و کان کاتباً بدیوان الأقطاع ببغداد، و اجتمع به العماد الکاتب الأصبهانی لمّا کان بالعراق و صحبه مدّة، فلمّا انتقل العماد إلى الشام و اتصل بالسلطان صلاح الدین یوسف بن أیوب کان ابن التعاویذی یراسله، فکان بینهما مراسلات ذکر بعضها العماد فی الخریدة، و عمی أبو الفتح فی آخر عمره سنة (579)، و له فی ذلک أشعار کثیرة یندب بها بصره و زمان شبابه، و مدح السلطان صلاح الدین بثلاث «2» قصائد أنفذها إلیه من بغداد، إحداها عارض بها قصیدة أبی منصور علیّ بن الحسن المعروف بصرّدر «3»، التی أوّلها:
أ کذا یُجازى ودُّ کلّ قرین …. ..
فقال ابن التعاویذی و أحسن ما شاء:
إن کان دینُکَ فی الصبابة دینی فقف المطیّ برملتی یَبرینِ «4»
و الثم ثرىً لو شارفت بی هضبَهُ أیدی المطیّ لثمتُها بجفونی
الغدیر فى الکتاب و السنه و الادب، ج5، ص: 610
و أنشد فؤادی فی الظباء معرِّضاً فبغیرِ غزلانِ الصریمِ جنونی
و نشیدتی بین الخیام و إنّما غالطتُ عنها بالظباء العینِ
لو لا العِدى لم أُکنِ عن ألحاظِها و قدودِها بجآذرٍ و غصونِ
للَّه ما اشتملت علیه قبابُهمْ یوم النوى من لؤلؤٍ مکنونِ
من کلِّ تائهةٍ على أترابِها فی الحسن غانیةٍ عن التحسینِ
خَوْد تُری قمرَ السماءِ إذا بدت ما بین سالفةٍ لها و جبینِ
غادین ما لمعتْ بروقُ ثغورِهمْ إلّا استهلّت بالدموعِ شئونی «1»
إن تُنکروا نفسَ الصبا فلأنَّها مرَّتْ بزفرةِ قلبیَ المحزونِ
و إذا الرکائبُ فی المسیرِ تلفَّتتْ فحنینُها لتلفّتی و حنینی
یا سَلمُ إن ضاعت عهودی عندکمْ فأنا الذی استودعتُ غیرَ أمینِ
أوعدتُ مغبوناً فما أنا فی الهوى لکمُ بأوّلِ عاشقٍ مغبونِ
رفقاً فقد عسفَ الفراقُ بمطلقِ ال عبراتِ فی أسرِ الغرامِ رهینِ
و ذکر من القصیدة (32) بیتاً «2»، و نقتطف ممّا ذکره من قصیدته الثانیة أبیاتاً من أوّلها «3»:
حتّام أرضى فی هواکَ و تغضبُ و إلى متى تجنی علیّ و تعتبُ
ما کان لی لو لا ملالُکَ زلّةٌ لمّا مللتَ زعمتَ أنّی مذنبُ
خذ فی أفانینِ الصدودِ فإنّ لی قلباً على العلّاتِ لا یتقلّبُ
الغدیر فى الکتاب و السنه و الادب، ج5، ص: 611
أ تظنّنی أضمرتُ یوماً سلوةً هیهاتَ عطفُکَ من سلوّی أقربُ
لی فیک نار جوانح ما تنطفی شوقاً و ماءُ مدامع لا ینضبُ
ثمّ ذکر أبیاتاً من قصیدته الثالثة اللامیّة، و ذکر من شعره قوله من قصیدة یندب بصره:
حالان مسّتنی الحوا دث منهما بفجیعتینِ
إظلام عین فی ضیا ءٍ من مشیبٍ سرمدینِ «1»
صبح و إمساء معاً لا خلفةً فاعجبْ لذینِ
قد رحتُ فی الدنیا من الس رّاءِ صِفرَ الراحتینِ
أسوان لا حیٌّ و لا میتٌ کهمزةِ بین بینِ
قال الأمینی: هذه القصیدة تحتوی (59) بیتاً، مطلعها الموجود:
أ ترى تعودُ لنا کما سلفت لیالی الأبرقینِ
و یقول فیها:
فأناخ فی آلِ الرسولِ مجاهراً برزیئتینِ
بدءاً برزءٍ فی أبی حسن و عَوْداً فی الحسینِ
الطیِّبین الطاهرین الخیِّرین الفاضلینِ
المدلیینِ إلى النبیِّ محمدٍ بقرابتینِ «2»
الغدیر فى الکتاب و السنه و الادب، ج5، ص: 612
و ذکر الحموی «1» من شعره قوله:
سقاکِ سارٍ من الوسمیِّ هتّانُ و لا رقَت للغوادی فیک أجفانُ
یا دار لهوی و إطرابی و معهد أترابی و لِلَّهو أوطارٌ و أوطانُ «2»
أ عائدٌ لیَ ماضٍ من جدیدِ هوىً أبلیتُه و شبابٌ فیکِ فینانُ «3»
إذ الرقیبُ لنا عینٌ مساعدةٌ و الکاشحون لنا فی الحبِّ أعوانُ
و إذ جمیلَةُ تولینی الجمیلَ و عن – د الغانیاتِ وراء الحسنِ إحسانُ
و لی إلى البانِ من رمل الحمى طرفٌ فالیومَ لا الرملُ یصبینی و لا البانُ
و ما عسى یُدرک المشتاقُ من وطرٍ إذا بکى الربعُ و الأحبابُ قد بانوا
إنَّ المغانی معانٍ و المنازل أم واتٌ إذا لم یکن فیهنَّ سکّانُ
للَّه کم قمرت لُبِّی بجوِّک أق مارٌ و کم غازلتنی فیک غزلانُ
و لیلةَ باتَ یجلو الراحَ من یدِهِ فیها أغنٌّ خفیفُ الروحِ جذلانُ
خالٍ من الهمِّ فی خلخاله حَرجٌ فقلبهُ فارغٌ و القلبُ ملآنُ
یُذْکی الجوى باردٌ من ریقِه شبمٌ و یوقدُ الظرفَ طرفٌ منه و سنانُ «4»
إن یُمسِ ریَّانَ من ماءِ الشبابِ فلی قلبٌ إلى ریقهِ المعسولِ ظمآنُ
بین السیوف و عینیهِ مشارکةٌ من أجلها قیل للأغمادِ أجفانُ
فکیف أصحو غراماً أو أُفیق جوىً و قدُّه ثملٌ بالتِّیهِ نشوانُ
أفدیه من غادرٍ بالعهد غادرنی صدوده و دموعی فیه غُدرانُ
فی خدِّه و ثنایاه و مقلتِهِ و فی عذاریه للعشّاقِ بستانُ
الغدیر فى الکتاب و السنه و الادب، ج5، ص: 613
شقائقٌ و أقاحٍ نبته خضلٌ «1» و نرجسٌ أنا منه الدهرَ سکرانُ «2»
و کان له راتب فی الدیوان فلمّا عمی طلب أن یجعل باسم أولاده، ثمّ کتب هذه القصیدة و رفعها إلى الخلیفة الناصر التمس بها تجدید راتب مدّة حیاته:
خلیفة اللَّه أنت بالدین و الدنیا و أمر الإسلام مضطلعُ
إلى آخر [الأبیات]
ثمّ قال: و کلُّ شعر أبی الفتح غرر، و دیوانه کبیر یدخل فی مجلّدین جمعه بنفسه قبل أن یضرّ، و افتتحه بخطبة لطیفة، و رتّبه على أربعة أبواب، و ما حدّث من شعره بعد العمى سمّاه الزیادات، و هی ملحقة ببعض نسخ دیوانه المتداولة و بعض النسخ خلو منها، و له کتاب سمّاه الحجبة و الحجّاب، فی مجلّد کبیر و نسخه قلیلة.
ولد أبو الفتح بن التعاویذی فی الیوم العاشر من رجب سنة (519) و توفّی فی ثانی شوّال سنة (583) ببغداد، و دفن فی مقبرة باب أبرز. انتهى ملخصاً.
و فی تاریخ ابن خلکان «3» (2/123): أبو الفتح بن التعاویذی نسب إلى جده لأُمّه أبی محمد المبارک؛ لأنّه کفله صغیراً و نشأ فی حجره، و کان أبو الفتح هذا شاعر وقته لم یکن مثله، جمع شعره بین جزالة الألفاظ و عذوبتها، و رقّة المعانی و دقّتها، و هو فی غایة الحسن و الحلاوة، و فیما أعتقده لم یکن قبله بمائتی سنة من یُضاهیه،
الغدیر فى الکتاب و السنه و الادب، ج5، ص: 614
و لا یُؤاخذنی من یقف على هذا الفضل فإنّ ذلک یختلف بمیل الطباع، و للَّه درّ القائل:
و للناس فیما یعشقون مذاهبُ
و کان کاتباً بدیوان المقاطعات، و عمی فی آخر عمره سنة (579) ثمّ ذکر ما یقرب من کلام نقلناه عن معجم الأدباء «1»، و روى من شعره ما یربو على سبعین بیتاً، و قال: أوردت هذه المقاطیع من شعره لکونها مستملحة، و أمّا قصائده المشتملة على النسیب و المدح فإنّها فی غایة الحسن، و صنّف کتاباً سمّاه الحجبة و الحجّاب، و ترجمه العماد الأصبهانی فی کتاب الخریدة و أثنى علیه بقوله: هو شاب فیه فضل، و آداب، و رئاسة، و کیاسة، و مروّة، و أبوّة، و فتوّة، و جمعنی و إیّاه صدق العقیدة فی عقد الصداقة، و قد کملت به أسباب الظرف و اللطف و اللباقة، و کانت ولادته فی العاشر من رجب یوم الجمعة سنة (519) و توفّی فی ثانی شوّال سنة أربع و قیل: ثلاث و ثمانین و خمسمائة ببغداد، و دُفن فی باب أبرز. و قال ابن النجّار: مولده یوم الجمعة و مات یوم السبت (18) شوّال. انتهى تلخیص ما فی تاریخ ابن خلکان.
و ذکره «2» أبو الفداء فی تاریخه (3/80)، و ابن شحنة فی روض المناظر، و ابن کثیر فی تاریخه (12/329)، و صاحب شذرات الذهب (4/281)، و مؤلِّف نسمة السحر (ج 2). و لم أجد خلافاً فی تاریخ ولادته غیر أن عبد الحیّ أرّخه فی شذراته بسنة (510) و لم نقف على مصدره.
و ترجمه الیافعی فی موضعین من مرآة الجنان (3/304، 429)، و قال فی الموضع الأول: ذکر بعض المؤرِّخین موته فی سنة (553)، و ذکر بعضهم فی سنة أربع و ثمانین.
الغدیر فى الکتاب و السنه و الادب، ج5، ص: 615
انتهى. قد عرفت أنّ سنة (553) هی تاریخ وفاة جدّ المترجم له المعروف بابن التعاویذی، و رثاه سبطه فی وقته، و اشتبه الأمر على بعض المؤرّخین بموت المترجم له، و لعلّه لشهرتهما بابن التعاویذی.
و توجد ترجمته فی تاریخ آداب اللغة العربیّة «1» و فیه: أنّه توفّی سنة (538)، و أحسبه تصحیف (583)، و قال فرید وجدی فی دائرة المعارف (6/777): إنّه ولد سنة (516) و توفیّ سنة (583 أو 586)، و فی کلا التاریخین تصحیف.
و الواقف على دیوان المترجم جدّ علیم بتاریخ وفاته، إذ قصائده مؤرّخة بسنیّ نظمها، و أکثرها من سنة سبعین إلى أربع و ثمانین، و فیه قصیدته فی رثاء جدّه المبارک، المتوفّى سنة (553) و هی مؤرّخة بها، و له قصیدتان مؤرّختان بسنة (583) إحداهما فی مدح الناصر لدین اللَّه أبی العباس أحمد، و الأخرى فی مدح الوزیر جلال الدین أبی المظفّر عبید اللَّه بن یونس و تهنئته بالوزارة، نظمها فی عید الأضحى من سنة (583)، فبعد کون وفاته فی شوّال من المتسالم علیه لم یبقَ إشکال فی أنّه توفّی سنة (584)، و اللَّه العالم.
و من شعره قوله فی رثاء الإمام السبط الشهید- صلوات اللَّه علیه:
أرقتُ للمع برقٍ حاجریِّ «2» تألّق کالیمانی المشرفیِ
أضاء لنا الأجارعَ مستطیراً سناه و عاد کالنبضِ الخفیِّ «3»
الغدیر فى الکتاب و السنه و الادب، ج5، ص: 616
کأنَّ ومیضَهُ لمعُ الثنایا إذا ابتسمت و إشراقُ الحلیِ
فأذکَرَنی وجوهَ الغیدِ بیضاً سوالفُها و لم أکُ بالنسیِ
و عصرَ خلاعةٍ أحمدت فیه ال شباب و صحبة العیش الرخیِ
و لیلى بعد ما مطلت دیونی و لا حالت عن العهد الوفیِ
منعّمةً شقیتُ بها و لولا ال هوى ما کنت ذا بالٍ شقیِ
تزیدُ القلبَ بلبالًا و وجداً إذا نظرتْ بطرفٍ بابلیِ
أتیهُ صبابةً و تتیهُ حسناً فویلٌ للشجیِّ من الخلیِ
إذا استشفیتُها وجدی رمتنی بداءٍ من لواحظها دویِ
و لولا حبُّها لم یُصِب قلبی سنا برقٍ تألّق فی دجیِّ «1»
أجاب و قد دعانی الشوق دمعی و قِدماً کنت ذا دمعٍ عصیِ
وقفتُ على الدیارِ فما أصاختْ معالمُها لمحتزنٍ بکیِ
أُروِّی تُربَها الصادی کأنّی نزحت الدمعَ فیها من رکیِ
و لو أکرمتِ دمعَکِ یا شئونی بکیتِ على الإمامِ الفاطمیِ
على المقتولِ ظمآناً فجودی على الظمآنِ بالجفنِ الرویِ
على نجمِ الهدى الساری و بحر ال علومِ و ذروةِ الشرفِ العلیِ
على الحامی بأطرافِ العوالی حمى الإسلامِ و البطلِ الکمیِ
على الباعِ الرحیبِ إذا ألمّتْ به الأزماتُ و الکفِّ السخیِ
على أندى الأنامِ یداً و وجهاً و أرجحِهمْ وقاراً فی الندیِ
و خیرِ العالمینِ أباً و أُمّا و أطهرِهمْ ثرى عِرقٍ زکیِ
لئِن دفعوه ظلماً عن حقوقِ ال خلافةِ بالوشیج السمهریِ
فما دفعوه عن حسبٍ کریمٍ و لا ذادوه عن خُلقٍ رضیِ
الغدیر فى الکتاب و السنه و الادب، ج5، ص: 617
لقد فصموا عرى الإسلامِ عَوداً و بَدءاً فی الحسین و فی علیِ
و یومُ الطفِّ قام لیومِ بدرٍ بأخذ الثارِ فی آلِ النبیِ
فثنّوا بالإمام أما کفاهم ضلالًا ما جنوه على الوصیِ
رموهُ عن قلوبٍ قاسیاتٍ بأطراف الأسنّةِ و القسیِ
و أسرى مُقدِماً عمرُ بنُ سعد إلیه بکلِّ شیطانٍ غویِ
سفوکٍ للدماء على انتهاکِ ال محارم جدّ مِقدامٍ جریِ
أتاه بمحنقینَ تجیشُ غیظاً صدورُهمُ و جیشٍ کالأتیِ
أطافوا محدقینَ به و عاجوا علیهِ بکلِّ طرفٍ أعوجیِ
و کلّ مثقّفٍ لَدن و عضبٍ سریجیّ و درعٍ سابریِّ «1»
فأنحوا بالصوارمِ مسرعاتٍ على البرِّ النقیِّ ابن النقیِ
وجوهُ النار مظلمةً أکبّت على الوجهِ الهلالیِّ الوضیِ
فیا لکَ من إمامٍ ضرَّجوه ال دم القانی بخرصانِ القنیِّ «2»
بکته الأرضُ إجلالًا و حزناً لمصرعِه و أملاکُ السمیِ
و غودرتِ الخیامُ بغیر حامٍ یُناضلُ دونهنَّ و لا ولیِ
فما عطفَ البغاةُ على الفتاةِ ال حصانِ و لا على الطفلِ الصبیِ
و لا بذلوا لخائفةٍ أماناً و لا سمحوا لظمآنٍ بریِ
و لا سفروا لثاماً عن حیاءٍ و لا کرمٍ و لا أنفٍ حَمیِ
و ساقوا ذود أهلِ الحقِّ ظلماً و عدواناً إلى الوِرد الوبیِ
تَذودُهمُ الرماحُ کما یُذادُ ال رکابُ عن المواردِ بالعِصیِ
الغدیر فى الکتاب و السنه و الادب، ج5، ص: 618
و ساروا بالکرائمِ من قریشٍ سبایا فوق أکوار المطیِ
فیا للَّه یوم نعوه ما ذا وعى سمعٌ الرسول من النعیِ
و لو رام الحیاةَ نجا إلیها بعزمتِهِ نجاءَ المضرحیِّ «1»
و لکنَّ المنیّةَ تحت ظلِّ ال رقاقِ البیضِ أجدرُ بالأبیِ
فیا عُصَبَ الضلالةِ کیف جزتمْ عناداً عن صراطِکمُ السویِ
و کیف عدلتمُ مولودَ حِجرِ ال نبوّةِ بالغویِّ ابن الغویِّ «2»
فألقیتمْ و عهدُکمُ قریبٌ وراء ظهورِکم عهدَ النبیِ
و أخفیتمْ نفاقکمُ إلى أن وثبتمْ وثبةَ الذئبِ الضریِ
و أبدیتمْ حقودَکمُ و عُدتمْ إلى الدینِ القدیمِ الجاهلیِ
و لولا الضغنُ ما ملتمْ على ذی ال قرابةِ للبعیدِ الأجنبیِ
کفى خزیاً ضمانُکمُ لقتلِ ال حسینِ جوائزَ الرفدِ السنیِ
و بیعکمُ لأُخراکم سفاهاً بمبرورٍ من الدنیا بریِّ «3»
و حسبکمُ غداً بأبیه خصماً إذا عُرِفَ السقیمُ من البریِ
صلیتم حزبه بغیاً فأنتم لنارِ اللَّهِ أولى بالصلیِ
و حرّمتمْ علیهِ الماءَ لؤماً و أسقینا إلى الخلق الدنیِّ «4»
و أوردتمْ جیادَکمُ و أظمی تموهُ شربتمُ غیرَ الهنیِ
و فی صفِّینَ عاندتمْ أباهُ و أعرضتمْ عن الحقِّ الجلیِ
الغدیر فى الکتاب و السنه و الادب، ج5، ص: 619
و خادعتم إمامَکمُ خداعاً أتیتم فیه بالأمرِ الفریِ
إماماً کان یُنصفُ بالقضایا و یأخذُ للضعیفِ من القویِ
و أنکرتم حدیثَ الشمسِ رُدّتْ لهُ و طویتمُ خبرَ الطویّ «1»
فجوزیتمْ لبغضکمُ علیّا عذابَ الخلدِ فی الدرکِ القصیِ
سأُهدی للأئمّة من سلامی و غُرِّ مدائحی أزکى هَدیِ
سلاماً أُتبع الوسمیّ منه على تلک المشاهدِ بالولیِّ «2»
و أکسو عاتقَ الأیّام منها حبائرَ کالرداءِ العبقریِ
حساناً لا أُرید بهنَّ إلّا مساءةَ کلِّ باغٍ خارجیِ
یضوعُ لها إذا نُشرت أریجٌ کنشرِ لطائمِ المسکِ الذکیِّ «3»
کأنفاسِ النسیم سرى بلیلٍ یهزُّ ذوائبَ الوردِ الجنیِ
لِطیبةَ و البقیعِ و کربلاءٍ و سامراءَ تغدو و الغریِ
و زوراءِ العراقِ و أرضِ طوسٍ سقاها الغیثُ من بلدٍ قصیِ
فحیّا اللَّهُ من وارته تلک ال قبابُ البیضُ من حَبرٍ تقیِ
و أسبل ثوبَ رحمته دراکاً علیها بالغدوِّ و بالعشیِ
فذخری للمعاد ولاءُ قومٍ بهم عُرِفَ السعیدُ من الشقیِ
کفانی علمهمْ أنِّی مُعادٍ عدوَّهمُ موالٍ للولیِّ «4»